[code]
في ذاك اليوم 'الجميل'، توجهت نادية وزوجها خالد أبو عصر لزيارة والدة صديقهم يوسف السميري 'أبو معاذ' التي انتابتها وعكة صحية. أجواء من المحبة تخللها ضحكات الأطفال وصرخاتهم البريئة خيمت على منزل السميرى وسط مشهد من الخضرة النضرة حول المنزل التي سكبت الشمس عليها أشعتها الذهبية.
لحظات نادرة مفعمة ببرائة الطفولة شوهتها هدير الدبابات ورصاص وقذائف الاحتلال التي بدأت تتسلل إلى منطقة 'أبو العجين'.
عسعس الليل وقطعت قوات الاحتلال الكهرباء عن المنطقة، بدأت رائحة الموت تحوم حول المنزل، وفر السميري من المنزل كي لا يتم استهدافه داخله الأمر الذي يعرض حياة الأطفال للخطر.
لم يهنأ الضيوف بوجبة العشاء التي كانت تحضرها عائلة السميري لهم، وصراخ الأطفال وعويل النساء حل محل الضحكات البريئة، وتطايرت الأطباق في كل جانب. وأصوات القذائف وأزيز الرصاص مزقت الهدوء غير المعتاد الذي ينعم به الأبرياء داخل المنزل، والشظايا تتطاير داخل الغرف والرصاص يخترق النوافذ يطارد الأطفال في كل ركن.
هربت نادية بابنتها أميرة داخل المطبخ، لاحقهم الرصاص هناك، حضنت رضيعتها وارتمت أرضاً، حافظت الرضيعة على سكونها وهدوئها وكأنها لا تعلم أنها أحد الأهداف المرجوة كسابقاتها من الأطفال.
أصوات دوت من مكبرات الصوت تأمرهم بالخروج من المنزل، خرجت أم معاذ وبناتها الثلاثة، حملت نادية طفلتها أميرة التي لم تصرخ كعادتها، وما أن وضعت نادية قدمها على عتبة المنزل حتى باغتتها طلقة في كتفها الأيسر الذي جعلت الرضيعة منه متكأً لرأسها الغض.
'لم أسمع أميرة تصرخ أو تبكي، اعتقدت أنها نائمة، التف حولي بنات أبو معاذ ولم يستطعن أن يفعلن شيئاً، ومنع الجنود نقلي إلى المستشفى.'
صرخت نادية ألماً وسقطت على الأرض، سيارات الإسعاف حاولت الوصول إلى مكان الجريمة، لكن رصاص الاحتلال كان لهم، كالعادة، بالمرصاد. إحدى بنات أبي معاذ حملت الطفلة واكتشفت أن الدماء تتدفق من رأسها، وأن أنفاسها قد توقفت، لكنها لم تبلغ أمها بالفاجعة.
انسحب جنود الاحتلال بعد أن مارسوا ساديتهم بتعذيب والد الطفلة أميرة وأبناء أبي معاذ وترهيب الأطفال والنساء، الذين لم يعلموا أن أبا معاذ السميري (40 عاما) قد صعدت روحه إلى دار الحق بعد أن اصطادته رصاصات فرق الموت الإسرائيلية 'المستعربين' التي كانت كامنة بين الحقول.
سارت نادية بين الأشجار وسط الظلام الحالك والدماء تنزف من ذراعها، وبعد ما يزيد عن نصف ساعة وصلت على اقرب بيت وتم الاتصال بسيارة الإسعاف مرة أخرى. نقل الطاقم الطبي نادية وطفلتها الصامتة أميرة في سيارة الأسعاف، وأخفى الطاقم نبأ صمت الطفلة الأزلي، عن والدتها التي ما زالت تعتقد أن الطفلة نائمة.
'نقلوني وإبنتي في سيارة الأسعاف، أيضاً كنت أعتقد أنها نائمة، لم أسمع لها صوتاً ولا بكاءً، دخلت إلى غرفة العمليات وبقيت طفلتي مع الأطباء.'
نُقلت نادية إلى غرفة العمليات، وصباح اليوم التالي، ما أن استفاقت من تأثير المخدر حتى بدأت تتحسس سريرها علّها تتلمس ابنتها التي اعتادت أن تضمها إلى صدرها كل صباح، بيد أنها أيقنت أن السرير فارغاً، ولن تنعم بمناغاة رضيعتها بعد اليوم.
داخل منزل الرضيعة أميرة، تجمع إخوتها الأطفال حول جثتها، بعضهم يبكي، والآخرين التزموا الصمت غير مدركين أنهم لن يداعبوها مرة أخرى.
ووقف أخوها بشار (6 أعوام) يمسك ثوب جدته لطيفة محملقاً في أخته أميرة وقال: 'طخوها وماتت، معملتش اشي، اليهود طخوها، بعرفش ليش، وطخوا أمي، أمي في المستشفى وأبوي في المستشفى.
هكذا اخترنا حياتنا هكذا نحن ما زلنا مصرين ولم تزحزح اردتنا في البقاء في هذه البلاد .....
واقول لك يا اميرة انا جدا جدا خجول لانك انتي الرضيعه قد قدمتي للوطن ما نحن لم نستطع او نجرؤ على تقديمه
في ذاك اليوم 'الجميل'، توجهت نادية وزوجها خالد أبو عصر لزيارة والدة صديقهم يوسف السميري 'أبو معاذ' التي انتابتها وعكة صحية. أجواء من المحبة تخللها ضحكات الأطفال وصرخاتهم البريئة خيمت على منزل السميرى وسط مشهد من الخضرة النضرة حول المنزل التي سكبت الشمس عليها أشعتها الذهبية.
لحظات نادرة مفعمة ببرائة الطفولة شوهتها هدير الدبابات ورصاص وقذائف الاحتلال التي بدأت تتسلل إلى منطقة 'أبو العجين'.
عسعس الليل وقطعت قوات الاحتلال الكهرباء عن المنطقة، بدأت رائحة الموت تحوم حول المنزل، وفر السميري من المنزل كي لا يتم استهدافه داخله الأمر الذي يعرض حياة الأطفال للخطر.
لم يهنأ الضيوف بوجبة العشاء التي كانت تحضرها عائلة السميري لهم، وصراخ الأطفال وعويل النساء حل محل الضحكات البريئة، وتطايرت الأطباق في كل جانب. وأصوات القذائف وأزيز الرصاص مزقت الهدوء غير المعتاد الذي ينعم به الأبرياء داخل المنزل، والشظايا تتطاير داخل الغرف والرصاص يخترق النوافذ يطارد الأطفال في كل ركن.
هربت نادية بابنتها أميرة داخل المطبخ، لاحقهم الرصاص هناك، حضنت رضيعتها وارتمت أرضاً، حافظت الرضيعة على سكونها وهدوئها وكأنها لا تعلم أنها أحد الأهداف المرجوة كسابقاتها من الأطفال.
أصوات دوت من مكبرات الصوت تأمرهم بالخروج من المنزل، خرجت أم معاذ وبناتها الثلاثة، حملت نادية طفلتها أميرة التي لم تصرخ كعادتها، وما أن وضعت نادية قدمها على عتبة المنزل حتى باغتتها طلقة في كتفها الأيسر الذي جعلت الرضيعة منه متكأً لرأسها الغض.
'لم أسمع أميرة تصرخ أو تبكي، اعتقدت أنها نائمة، التف حولي بنات أبو معاذ ولم يستطعن أن يفعلن شيئاً، ومنع الجنود نقلي إلى المستشفى.'
صرخت نادية ألماً وسقطت على الأرض، سيارات الإسعاف حاولت الوصول إلى مكان الجريمة، لكن رصاص الاحتلال كان لهم، كالعادة، بالمرصاد. إحدى بنات أبي معاذ حملت الطفلة واكتشفت أن الدماء تتدفق من رأسها، وأن أنفاسها قد توقفت، لكنها لم تبلغ أمها بالفاجعة.
انسحب جنود الاحتلال بعد أن مارسوا ساديتهم بتعذيب والد الطفلة أميرة وأبناء أبي معاذ وترهيب الأطفال والنساء، الذين لم يعلموا أن أبا معاذ السميري (40 عاما) قد صعدت روحه إلى دار الحق بعد أن اصطادته رصاصات فرق الموت الإسرائيلية 'المستعربين' التي كانت كامنة بين الحقول.
سارت نادية بين الأشجار وسط الظلام الحالك والدماء تنزف من ذراعها، وبعد ما يزيد عن نصف ساعة وصلت على اقرب بيت وتم الاتصال بسيارة الإسعاف مرة أخرى. نقل الطاقم الطبي نادية وطفلتها الصامتة أميرة في سيارة الأسعاف، وأخفى الطاقم نبأ صمت الطفلة الأزلي، عن والدتها التي ما زالت تعتقد أن الطفلة نائمة.
'نقلوني وإبنتي في سيارة الأسعاف، أيضاً كنت أعتقد أنها نائمة، لم أسمع لها صوتاً ولا بكاءً، دخلت إلى غرفة العمليات وبقيت طفلتي مع الأطباء.'
نُقلت نادية إلى غرفة العمليات، وصباح اليوم التالي، ما أن استفاقت من تأثير المخدر حتى بدأت تتحسس سريرها علّها تتلمس ابنتها التي اعتادت أن تضمها إلى صدرها كل صباح، بيد أنها أيقنت أن السرير فارغاً، ولن تنعم بمناغاة رضيعتها بعد اليوم.
داخل منزل الرضيعة أميرة، تجمع إخوتها الأطفال حول جثتها، بعضهم يبكي، والآخرين التزموا الصمت غير مدركين أنهم لن يداعبوها مرة أخرى.
ووقف أخوها بشار (6 أعوام) يمسك ثوب جدته لطيفة محملقاً في أخته أميرة وقال: 'طخوها وماتت، معملتش اشي، اليهود طخوها، بعرفش ليش، وطخوا أمي، أمي في المستشفى وأبوي في المستشفى.
هكذا اخترنا حياتنا هكذا نحن ما زلنا مصرين ولم تزحزح اردتنا في البقاء في هذه البلاد .....
واقول لك يا اميرة انا جدا جدا خجول لانك انتي الرضيعه قد قدمتي للوطن ما نحن لم نستطع او نجرؤ على تقديمه